من كولورادو إلى يوتا .. جولة رائعة لاكتشاف الطبيعة المتوحشة

تأسست مدينة دنفر في عام 1858 وتقع على ارتفاع 1609 أمتار فوق مستوى سطح البحر، ولذلك فإنها تعرف باسم "مايل هاي سيتي". (النشر مجاني لعملاء وكالة الأنباء الألمانية “dpa”. لا يجوز استخدام الصورة إلا مع النص المذكور وبشرط الإشارة إلى مصدرها.) عدسة: dpa dpa

من فيرينا فولف

دنفر/مواب 20 آيار/مايو (د ب أ) – تتمتع مدينة دنفر الأمريكية بطبيعة جبلية متفردة، وتقع عاصمة ولاية كولورادو في وسط الولايات المتحدة الأمريكية، وتعتبر واحدة من أسرع المدن الأمريكية نموا بفضل انتشار العديد من المعالم السياحية والمحميات الطبيعية، فضلا عن موقعها المرتفع فوق سطح البحر، وبالتالي فإنها تعتبر وجهة مثالية لعشاق المغامرة واستكشاف الطبيعة.

وتقع مدينة دنفر في وسط الولايات المتحدة الأمريكية، وتبعد مدينة سان فرانسيسكو عنها لمسافة 1000 كلم إلى الغرب، في حين تقع شيكاغو على نفس المسافة إلى الشرق، ولكن تكثر الجبال في الجانب الغربي وتنتشر الأراضي المسطحة في الجانب الشرقي.

ويرجع الفضل في النمو السريع للمدينة الكبيرة إلى السكك الحديدية، التي ساعدت الأشخاص على المجيء بحثا عن الثراء من خلال التنقيب عن الذهب في قمة جبل "بايكس بيك".

وقد تأسست مدينة دنفر في عام 1858 وتقع على ارتفاع 1609 أمتار فوق مستوى سطح البحر، ولذلك فإنها تعرف باسم "مايل هاي سيتي"، وتعتبر محطة القطارات "يونيون ستشين" بمثابة نقطة الاتصال الأولى للكثير من الوافدين إلى المدينة.

وأوضح ريتش جرانت قائلا: "على الرغم من أنه لم تعد هناك قطارات كثيرة في هذه المحطة، إلا أنه يمكن للسياح قضاء بعض الوقت في قاعة المحطة القديمة". وأشار رئيس السياحة السابق إلى أن محطة "يونيون ستيشن" كانت بمثابة "غرفة المعيشة في مدينة دنفر".

ويشتمل المبني على العديد من المطاعم وأحد الفنادق، ويجدر بالسياح زيارته كأقدم جزء في عاصمة ولاية كولورادو الأمريكية. وتمتاز المباني المشيدة من الطوب، والتي تم تجديدها في ميدان "لاريمر سكوير" بطابع تاريخي عريق.

وينطلق القطار التابع لشركة السكك الحديدية "روكي ماونتينر" من منطقة "ريفر نورث آرت" والمعروفة باسم رينو، والواقعة شمال نهر بلات، ويسير القطار وسط المناظر الطبيعية الخلابة في مواب بولاية يوتا الأمريكية، وبعد ذلك ينطلق السياح في رحلة برية لزيارة بعض المحميات الطبيعية الأكثر إثارة في الولايات المتحدة الأمريكية.

اكتشاف الغرب المتوحش

وتوفر شركة "روكي ماونتينر" للسياح فرصة رائعة لاكتشاف الغرب المتوحش، وأوضح كبير المضيفين على متن القطار مايك هانيفين أن القطار يسير بسرعة "كوداك"، بحيث يتمكن السياح من التقاط الصور الفوتوغرافية الرائعة بدءا من جبال روكي وحتى الصخور الحمراء، التي تمتاز بها المنطقة الجنوبية في ولاية يوتا، وتستغرق رحلة القطار الفاخر حوالي يومين لقطع المسافة الصغيرة، التي يبلغ طولها 600 كلم.

ولا تقتصر الرحلة على مجرد مشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة أثناء الجلوس أمام النوافذ البانورامية، حيث تشبه الطبيعة في كولورادو جبال الألب الأوروبية، وتنتشر بها الصخور الوعرة، التي تقطعها الأنهار ويسودها اللون الرمادي في كثير من الأماكن وتكثر بها الأشجار والنباتات أيضا.

وبطبيعة الحال لا يقضي السياح الليل هذه الرحلة، التي تستغرق يومين، في القطار، ولكن يتم المبيت في البلدة الصغيرة "جلينوود سبرينجز"، والتي تقع في منتصف الطريق، ويوجد في هذه البلدة الكثير من الفنادق ذات أجواء الغرب المتوحش، بالإضافة إلى قبر "دوك هوليداي" وحوض سباحة كبير بالمياه الحرارية للسياح في المنتجع الصحي.

ويمكن للسياح التحدث إلى قائد القطار "واين نيكس" قبل أن يدعوهم كبير المضيفين مايك هانيفين في صباح اليوم التالي لركوب القطار. وأوضح قائد القطار أن نفق "موفات" القادم يعتبر أعلى نقطة في مسار الرحلة، فضلا عن أنه يمتد لمسافة 10 كلم في الجبل، وكان يعتبر بمثابة تحفة هندسية فريدة عندما تم الانتهاء منه قبل 95 عاما.

وخلال هذه المرحلة من الرحلة تتغير المناظر الطبيعية، ويمر القطار عبر النفق الطويل وعبر "روبي كانيون"، والذي لا يمكن رؤيته إلا من الماء أو القطار، ويمتد هذا الكانيون بطول 40 كلم في الحجر الرملي العميق، كما يمكن رؤية الحدود بين الولايتين الأمريكيتين، وتظهر على هيئة حروف بيضاء كبيرة على الصخور: ولاية "يوتا" على اليسار وولاية "كولورادو" على اليمين.

محمية "أرشز"

وتنتهي رحلة القطار في مدينة مواب، وتعتبر هذه المدينة الصغيرة نقطة الانطلاق لزيارة المحمية الطبيعية "أرشز" والمحمية الطبيعية "كانيونلاندز"، وعادة ما تتوقف القطارات التابعة لشركة "روكي ماونتينر" خارج المدينة؛ نظرا لأن خطوط السكك الحديدية لا تمتد إلى داخل المدينة، كما لا يوجد بها محطة للقطارات، ولكن في مقابل ذلك تتوافر حافلات مكيفة تنقل ركاب القطار إلى بعض المواقع المركزية في مواب.

وبعد ذلك يعتمد السياح على السيارات المستأجرة لزيارة المحميات الطبيعية، والتي تظل مفتوحة على مدار الساعة، على الرغم من أنها تكون مظلمة للغاية ليلا، إلا أن ذلك لا يمنع عشاق مشاهدة النجوم من الانطلاق عبر الطرق المتعرجة ومشاهدة الأجرام السماوية.

ويوجد في كل محمية طبيعية مركز للزوار يتيح للسياح الحصول على الخرائط والاستفسار من الحراس عن بعض النصائح خلال النهار، وعادة ما يقوم الحراس بمرافقة المجموعات السياحية في أوقات محددة على المسارات أو أثناء زيارة المعالم السياحية.

وتتجلى أهمية المحمية الطبيعية "أرشز" في كيفية إنشاء أكثر من ألفين قوس من الحجر الرملي، وأوضحت الحارسة نيكول ويستكوت قائلة: "نشأت هذه التكوينات بفعل الرياح والأمطار والشمس والثلوج على مدار فترة زمنية طويلة". ولا تحدث هذه الظواهر الطبيعية بسرعة، على الرغم من أن كل شيء يتحرك، ويتطلب الأمر الكثير من الخيال لكي يتم فهم تاريخ الأرض.

وتعتبر أقواس النوافذ "ويندوز أرشز" الواقعة في الجنوب والشمال من أكبر الأقواس الموجودة في المحمية الطبيعية، كما يوجد القوس المزدوج "دبل أرش" على الجانب الآخر من الطريق، والذي يشبه أعمدة الخيمة، كما يقبل السياح على التجول إلى "ديليكت أرش" الشهير للغاية، وهو عبارة عن قوس مرتفع تزين صورته بطاقة ترخيص السيارات في الولاية الأمريكية.

ونصحت الحارسة نيكول ويستكوت بأنه يجب التخطيط جيدا عند الرغبة في التجول لمسافات طويلة، ومن الأفضل أن تبدأ الجولة في الخامسة صباحا، ويمر الطريق من موقف السيارات على صخور ملساء، ويرتفع الطريق باستمرار لمسافة ميلين أو ثلاثة كيلومترات.

وعلى طول هذا المسار لا توجد شجرة أو شجيرة وتضرب الشمس رؤوس السياح بلا رحمة بدءا من الربيع وحتى الخريف، علاوة على أن الصخور الحمراء تسخن على مدار اليوم، وبالتالي تنبعث السخونة أيضا من أسفل.

وتنتشر في جميع أرجاء المحمية الطبيعية لافتات تحذيرية بأن "الحرارة قاتلة"، ولذلك يتعين على السياح اصطحاب كميات كافية من المياه معهم أثناء التجول، على الأقل 6ر3 لتر لكل شخص، علاوة على ضرورة استعمال واقيات الشمس وأغطية الرأس وارتداء أحذية مناسبة.

وبعد السير لمسافة طويلة والتوقف كثيرا للراحة وشرب المياه وصل السياح إلى القوس الوحيد الموجود على الهضبة الواسعة؛ حيث تم الوصول إلى الهدف الذي استحق كل هذا العناء.

وعادة ما يتم الترويج للمحميات الخمس الأكثر شهرة في ولاية يوتا الأمريكية تحت اسم "Mighty 5"، ومنها المحمية الطبيعية "كانيونلاندز"، والتي تقع على مسافة كبيرة من مدينة مواب وتقدم للسياح صورة مغايرة تماما؛ حيث تنتشر بها الأحجار باللون البني الداكن، كما أن الأخاديد المؤدية إلى نهر كولورادو تكون أكثر انحدارا، بالإضافة إلى وجود العديد من مسارات التجول لمسافات طويلة وشرفات المشاهدة، التي تتيح للسياح الاستمتاع بإطلالة رائعة على هذه المناظر الطبيعية الممتدة.

وقد يلاحظ السياح أن هناك بعض الأماكن المألوفة بالنسبة له، على الرغم من عدم زيارتها من قبل؛ نظرا لأن هذه المحميات تعتبر من مواقع تصوير أفلام هوليوود الشهيرة، وخاصة أنها توفر مواقع تصوير مثالية لأفلام الغرب الأمريكية.

محمية "برايس كانيون"

وتستمر الرحلة باتجاه الغرب حتى الوصول إلى المحمية الطبيعية التالية على طريق "Mighty 5"، ألا وهي "برايس كانيون"، وعندما يصل السياح إلى هذه المنطقة يسيرون عبر وادي "مونومينت فالي" الأسطوري، ويتسلقون الكثير من المرتفعات، وتسود درجات حرارة منخفضة خلال شهور الصيف.

ويقع هذا الكانيون على ارتفاع 2400 متر ويظهر مؤشر درجة حرارة السيارة في الصباح أن درجة الحرارة تتراوح ما بين 5 و10 درجات مئوية، ولذلك من الأجدر أن ينطلق السياح مع شروق الشمس للتجول لمسافات طويلة في المحمية الطبيعية.

وتزخر محمية "برايس كانيون" بالعديد من مسارات التجول الأكثر سهولة وبأطوال مختلفة، ويمكن للسياح التنزه سيرا على الأقدام على المسارات المغطاة بالرمال الحمراء غير الممهدة، وعادة ما تتعرج الطرقات صعودا وهبوطا، وترسل الشمس أشعتها الساطعة لتحية السياح أثناء التجول.

محمية "زيون"

وبعد زيارة محمية "برايس كانيون" تنطلق المجموعة السياحية على الطريق السريع 89 للوصول إلى المحطة التالية في المجموعة المختارة من "Mighty 5"، وهي محمية "زيون"، والتي تعتبر أقدم محمية طبيعية في ولاية يوتا، وتشتمل على العديد من مسارات التجول المثيرة للاهتمام.

ويعتبر مسار "أنجلز لاندينج"، من أهم المسارات في المحمية ويحتاج إلى تصريح للتجول؛ حيث ترغب السلطات في الحفاظ على البيئة على مسار التجول الأكثر شعبية، ويبلغ فرق الارتفاع حوالي 500 متر بين "بداية المسار" وقمته، ويمكن لعشاق التجول من أصحاب الخبرة قطع مسار التجول في غضون 4 ساعات، وهناك العديد من مسارات التجول الأخرى بدون تصريح، مثل مسار "ناروز"، ولكنه يكون مزدحما بالمتجولين في الأيام الجميلة.

وعند الانطلاق عبر هذا المسار يسير السياح في ممر ضيق عبر نهر "فيرجن"، الذي يمكن للبالغين عبوره بسهولة ولا تصل المياه إلى أعناقهم، بل إلى منتصف أجسامهم، وخلال هذه الجولة يمكن للسياح استئجار الأحذية الجبلية المقاومة للماء وأعمدة المشي لمسافات طويلة.

محمية "كابيتول رييف"

وتعتبر محمية "كابيتول رييف" هي المحمية الطبيعية الخامسة ضمن هذه الجولة البرية، وتضم العديد من مسارات التجول التي تمتد إلى أميال، والكثير من مواقع التخييم الرائعة والمناظر الطبيعية البديعة، وتجذب النقوش الصخرية في هذه المحمية اهتمام السياح من المهتمين بتاريخ الاستيطان المبكر للإنسان على الأرض؛ حيث تشهد هذه الجداريات على تاريخ السكان الأصليين في هذه المنطقة.

محطة "يونيون ستيشن" كانت بمثابة "غرفة المعيشة في مدينة دنفر". (النشر مجاني لعملاء وكالة الأنباء الألمانية “dpa”. لا يجوز استخدام الصورة إلا مع النص المذكور وبشرط الإشارة إلى مصدرها.) عدسة: dpa dpa
جولة رائعة في نهر "فيرجن" بمحمية "زيون". (النشر مجاني لعملاء وكالة الأنباء الألمانية “dpa”. لا يجوز استخدام الصورة إلا مع النص المذكور وبشرط الإشارة إلى مصدرها.) عدسة: dpa dpa
القطار التابع لشركة السكك الحديدية "روكي ماونتينر" يقدم للسياح الفرصة لاكتشاف الغرب الأمريكي المتوحش. (النشر مجاني لعملاء وكالة الأنباء الألمانية “dpa”. لا يجوز استخدام الصورة إلا مع النص المذكور وبشرط الإشارة إلى مصدرها.) عدسة: dpa dpa
القوس المزدوج "دبل أرش" من أبرز معالم محمية "أرشز". (النشر مجاني لعملاء وكالة الأنباء الألمانية “dpa”. لا يجوز استخدام الصورة إلا مع النص المذكور وبشرط الإشارة إلى مصدرها.) عدسة: dpa dpa
المحمية الطبيعية "كانيونلاندز" تزخر بالأخاديد المهيبة. (النشر مجاني لعملاء وكالة الأنباء الألمانية “dpa”. لا يجوز استخدام الصورة إلا مع النص المذكور وبشرط الإشارة إلى مصدرها.) عدسة: dpa dpa

© Deutsche Presse-Agentur GmbH