المرشدون لرحلات تسلق جبل إيفرست أبطال مجهولون يخاطرون بحياتهم لتأمين الزوار

لا يزال المرشد النيبالي بين الجبال نجيما جايلزن شيربا، يشعر بقشعريرة تمسك بحنايا قلبه، عندما يتذكر اللحظة التي انزلق فيها وسقط في صدع على جبل إيفرست، أعلى قمة في العالم في ربيع عام 2022. Ngima Gyalzen Sherpa/dpa

كاتماندو 16 حزيران/يونيو (د ب أ) – لا يزال المرشد النيبالي بين الجبال نجيما جايلزن شيربا، يشعر بقشعريرة تمسك بحنايا قلبه، عندما يتذكر اللحظة التي انزلق فيها وسقط في صدع على جبل إيفرست، أعلى قمة في العالم في ربيع عام 2022.

ويعد انحدار خومبو الجليدي أحد أخطر الممرات على جبل إيفرست، وهو كتلة ضخمة من الكتل الجليدية العملاقة التي تتحرك ببطء ولكن بثبات ناحية الوادي، ويتعين على المتسلقين التغلب عليها في طريق صعودهم إلى القمة.

وينجح معظم المتسلقين في تجاوز هذا الانحدار الجليدي، بفضل المتخصصين المحليين الذين مهدوا في وقت سابق ممرا آمنا، عن طريق تثبيت شبكة من السلالم والحبال، التي يعدلونها مرارا وتكرارا في عملية تستغرق أشهرا أثناء كل موسم ذروة لمتسلقي إيفرست، رغم ما يمثله ذلك العمل من مخاطر بالغة على القائمين عليه.

وعمل شيربا ضمن هذا الفريق قبل عامين، وكان منبهرا بشكل خاص بالمسمى الوظيفى لعمله وهو "طبيب الانحدار الجليدي"، وفقا لما قاله في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).

وأوضح شيربا الذي يبلغ من العمر 26 عاما خلال المقابلة أنه "يمكن لأطباء الانحدار الجليدي ذوي الخبرة، أن يحددوا مدى صلابة الثلوج ومخاطر انهيارها عن طريق النظر إليها فقط، إنهم يجيدون تشخيص حالة الجليد، بنفس المهارة التي تستطيع بها الأم أن تتعرف على ما الذي يؤلم صغيرها بمجرد النظر إليه".

وعمل شيربا كطبيب للانحدار الجليدي مع فريق، من العمال المتخصصين في العمل على ارتفاعات عالية، لفتح الطريق عبر كتلة خومبو الجليدية وهي المنفذ الوحيد إلى قمة إيفرست، من اتجاه المنحدر الجنوبي للجبل في نيبال.

ويمكن أيضا الوصول إلى قمة الجبل من اتجاه إقليم التبت الصيني، الذي يتمتع بشبه الحكم الذاتي، من ناحية المنحدر الشمالي.

ومع ذلك يحتاج الخبراء لكي يحللوا صلابة الجليد إلى ضوء النهار، وهو ما يمكن أن يشكل خطورة حسبما يقول شيربا، لأنه بمجرد أن تسطع أشعة الشمس على هيكل غير مستقر يصبح أكثر هشاشة.

وفي هذ الحالة يمكن أن تنفتح شقوق عميقة بين الكتل الجليدية، وتنفصل القطع الثلجية عن بعضها البعض وتسقط مرارا وتكرارا.

وهذا هو السبب في أن معظم مجموعات المغامرين ينطلقون، وهم مزودين بمصابيح مثبتة على الرؤوس في منتصف الليل، أو في الساعات المبكرة من الصباح لعبور منحدر خومبو الجليدي، بين معسكر القاعدة الذي تبدأ منه رحلات التسلق، وبين أول مخيم من بين أربعة مخيمات مقامة على ارتفاعات عالية.

وفارق عدد من أطباء المنحدر الجليدي الحياة أثناء عملهم، ولا يعرف عددهم بدقة ومع ذلك تشير أرقام قاعدة بيانات الهيمالايا الخاصة ببعثات التسلق، إلى أن نحو 50 مرشدا ماتوا أثناء عملهم في منحدر خومبو الجليدي، بعد أن دفنتهم الانهيارات الجليدية أو بسبب السقوط في صدوع عميقة.

ويتوافق هذا العدد من الوفيات مع وفاة نحو عامل واحد من كل أربعة وفيات، من العاملين في الجانب النيبالي من جبل إيفرست.

ويقول شيربا إنه سقط في صدع عميق عندما أمسك بالحبل الخطأ، بسبب سوء الاتصال مع فريقه.

ويضيف شيربا "أعتقدت للحظة أن كل شيء انتهى وأن نهايتي حانت، وخطرت صورة أمي على ذهني، ولحسن حظي كنت أحمل معي أدوات التسلق حيث كنا نعمل، وواصلت التسلق بمساعدة أصدقائي بدون أن يلحقني أي ضرر".

وألهمته أمه آنج دامي شيربا في البداية، بأن يبحث لنفسه عن حياة مهنية في تسلق الجبال، وكانت أمه قد سجلت لنفسها اسما كعداءة في سباقات الماراثون الجبلية، التي تعد شاقة بشكل خاص على الجسم، بسبب الارتفاعات العالية التي يجرى فيها السباق.

كما استلهم فكرة العمل في الجبال من حقيقة أن قريته، كانت موطنا لنجوم مرشدي هواة تسلق الجبال، مثل كامي ريتا شيبا صاحب الرقم القياسي العالمي لأكبر عدد من مرات صعود جبل إيفرست، فقد تسلق القمة التي يبلغ ارتفاعها 8849 مترا 30 مرة.

ويتم استخدام لقب شيربا من جانب مجموعة شيربا العرقية، الذين يستوطنون معظم الأقاليم الجبلية من نيبال والتبت.

في حين أن بعض أطباء المنحدرات الجليدية لديهم عقود من الخبرة، فهناك آخرون أيضا من الشباب مثل نجيما جايلزن شيربا.

وبعد أن كان جبل إيفرست يعد في السابق قمة صعبة التسلق إلى حد كبير، فإنه أصبح الآن مدرجا بين القمم التي يمكن تسلقها، وذلك بفضل الرحلات التجارية التي تنظم لتسلقه، والتي تلقت دفعة خلال الأعوام الأخيرة.

وتشير قاعدة بيانات الهيمالايا التي يتم فيها تسجيل عدد مرات تسلق جبل إيفرست، إلى أنه تم تسجيل 11 ألف عملية تسلق على الأقل للجبل، ولا يزال إيفرست يجذب مئات من المتسلقين كل عام.

ويرجع الفضل في هذا النجاح إلى الحبال والسلالم دائمة التثبيت، وجيش من مرشدي الشيربا الذين يؤدون مختلف المهام بالأجر.

ومنذ وقوع الحادث الذي تعرض له شيربا، لم يعد يعمل كطبيب للمنحدر الجليدي، ويقول إنه اعتزل هذا العمل ليس بسبب مخاطره، ولكن لأنه ببساطة يحصل على مزيد من المال من عمله كمرشد سياحي في الجبل للضيوف الأجانب، غير أنه لا يريد أن يكشف عن حجم المال الذي يحصل عليه من عمله الجديد.

(د ب أ) ض ح / ب ت 16 /6/2024

تقطعت السبل بمتسلقين ومرشدين جبليين أثناء رحلتهم إلى جبل إيفرست بعد أن أدى انهيار إلى إتلاف الطريق المثبت بالحبال. في حين أن عدد المتسلقين آخذ في الازدياد، فقد كان هناك تراجع بين شباب شيربا نحو أعمال تسلق الجبال إلى حد كبير لأسباب تتعلق بالسلامة والأجور. Narendra Shahi Thakuri/dpa

© Deutsche Presse-Agentur GmbH