دورات تدريبية في فنون الدفاع لمواطني تايوان لإعدادهم لهجوم صيني محتمل لمنع استقلال الجزيرة

رجال ونساء يشاركون في دورة الدفاع المدني في أكاديمية كوما. Johannes Neudecker/dpa

تايبيه 30 حزيران/يونيو (د ب أ) – في مبنى تشغله المكاتب الإدارية بشارع جانبي غير شهير، بالعاصمة التايوانية تايبيه، تحتشد موضوعات ساخنة وعلى درجة كبيرة من الأهمية، على جدول الأعمال لهذا اليوم من الدورة التدريبة المنعقدة في فصل الصيف.

وخارج المبنى تعج العاصمة التايوانية بالباعة الجائلين وأكشاك بيع الأطعمة، أما في الداخل فيتركز الانتباه على أحوال الحرب وأشكال الدعاية وطرق الإسعافات الأولية، ويتجمع أربعون شخصا معظمهم من الشباب داخل أكاديمية "كوما" في أحد أيام السبت، والغالبية العظمى منهم من النساء.

وتقول السيدة سو التي تبلغ من العمر 27 عاما، "السبب الرئيسي الذي دفعني للمشاركة في هذه الدورة التدريبية، هو التعرف على الوضع الحالي للمقدرة الدفاعية لتايوان".

ويفصل هذه الدولة الجزيرة ذات النظام السياسي الديمقراطي، والتي يبلغ تعدادها 23 مليون نسمة، عن الصين مضيق تايوان الذي يبلغ اتساعه عند أضيق نقطة له نحو 103 كيلومترات.

وتنظر الصين إلى تايوان على أنها جزء من أراضيها، وتسعى إلى وضع هذه الجزيرة تحت سيطرتها، برغم أن تايوان لديها منذ عقود حكومة منتخبة بشكل مستقل.

ويوضح شين بو يانج المؤسس المشارك للأكاديمية، "أنها تعني بدرجة أكبر بتشكيل الوعي إزاء احتمال نشوب حرب مع الصين"، ويقول إنه يتعين على المواطنين أن يكونوا على أهبة الاستعداد، في حالة بدء الصين غزوها لتايوان، ويجب عليهم ألا يقعوا فريسة للذعر.

ويعرب عن اعتقاده بأن الفترة المثالية بالنسبة للصين لشن هجوم على تايوان، يمكن أن تكون بين 2025 و2027، أو عند احتمال أن يستسلم أكثر من نصف سكان تايوان.

ويقول شين وهو عضو في لجنة الدفاع بالبرلمان عن الحزب التقدمي الديمقراطي الحاكم، غير أنه إذا تلقى ما يكفي من السكان المعرفة من الدورات التدريبية التي تنظمها الأكاديمية، فإنه سيكون في استطاعتهم حماية أنفسهم والآخرين.

وأكمل نحو 40 ألفا من الأشخاص العاديين الدورة التدريبية، منذ تشرين أول/أكتوبر 2022 وفقا لبيانات الأكاديمية، وتتراوح أعمار المتدربين ما بين مطلع الشباب إلى قدامى المحاربين بالجيش، وثلثهم تقريبا من النساء.

وتوضح سو أن الإحصائيات تشير إلى أن النساء، أكثر اهتماما بالمشاركة في هذه الدورات التدريبية، لأن الرجال في تايوان يؤدون الخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش، وبالتالي هم على دراية بالموضوعات التي تدرس في الأكاديمية.

كما يشير أرون هوانج المتحدث باسم الأكاديمية، إلى أن الرجال يتم توظيفهم في الغالب في الخدمات العامة، مثل إطفاء الحرائق أو أعمال الإغاثة وقت الكوارث مثل وقوع الزلازل، وبالتالي تكون لديهم خبرات في كيفية مواجهة الأزمات.

ويبدأ البرنامج المعروف باسم "التدريب على الدفاع المدني"، بالتعرف على تكتيكات المنطقة الرمادية وهي معروفة لمواطني تايوان، والتي تقوم الصين خلالها بتحركات استفزازية مكثفة، تهدف إلى استنزاف قوى تايوان بدون اللجوء إلى المواجهة العسكرية، ولدى سكان تايون خبرة مباشرة يومية بهذه التحركات، عندما تقوم الطائرات الحربية الصينية بعبور خط الوسط غير الرسمي في مضيق تايوان، وتدخل إلى منطقة الدفاع الجوي التايوانية وهي تختلف عن مجالها الجوي.

ويعطي المحاضر أثناء الدورة التدريبة صورة للمشاركين، عن الشكل المحتمل أن تكون عليه الحرب، وهنا كان للسكان خبرة مسبقة أيضا في هذا المجال، حيث أجرت القوات البحرية والجوية والبرية الصينية مناورة تدريبية في أيار/مايو الماضي، تدور حول حصار تايوان والجزر الصغيرة القريبة من الصين.

وتهدف الصين في حالة الطوارئ قطع طرق الهروب من تايوان، ومنع وصول المساعدات الخارجية إلى الجزيرة، وأمرت قيادات الصين بإجراء هذه المناورة كعقاب بعد تولي رئيس تايوان الجديد لاي تشينج تي الحكم، حيث ترى بكين أنه أعرب عن نواياه بوضوح في خطاب له باستقلال تايوان.
وتصنف بكين الرئيس لاي وحزبه التقدمي الديمقراطي، الميال للاستقلال على أنهم انفصاليون، برغم أن تايبيه لم تعلن مطلقا بشكل رسمي نيتها في الاستقلال عن الصين، وهذا الوضع دفع دولا كثيرة إلى الدخول في خلافات دبلوماسية كبيرة مع الصين.

ولا تعترف بتايوان رسميا كدولة مستقلة سوى بضع دول، وحتى الولايات المتحدة أقرب الحلفاء لتايوان ليست من بين هذه الدول، برغم أن واشنطن تعهدت بتقديم الدعم في حالة اضطرار تايوان للدفاع عن نفسها.

وأشار الرئيس لاي مؤخرا إلى الوسائل التي تنتهجها الصين، لإجبار تايوان على الخضوع، وقال "إننا مع ذلك لن نستسلم، وسيدافع شعب تايوان عن سيادتنا، وعن الحفاظ على طريقتنا في الحياة في ظل حكم دستوري ديمقراطي".

وفي الأكاديمية يناقش محاضر وسائل الدعاية، وتأثير الإنترنت خاصة منصات التواصل الاجتماعي، وحتى قبل انتخابات الرئاسة التي أجريت في كانون ثان/يناير الماضي، اتهم السياسيون في تايوان الصين بأنها تستخدم هذه الأساليب من أجل تشكيل الرأي العام، وتعرب أريل يو وهي فتاة في أواخر العشرينيات من العمر عن تقديرها لهذه النصيحة، حيث تساعدها على أن تكون أكثر حكمة فيما يتعلق بالمعلومات التي تأتي عبر المواقع الإليكترونية.

كما يؤكد شين ضرورة تعزيز الأمن السيبراني، حيث أثبت القراصنة الصينيون مهاراتهم العالية فيه، وعلى الصعيد الداخلي يؤكد هذا البرلماني أهمية تنفيذ مجموعة من اللوائح اللازمة للإشراف على منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، ومراقبة العمليات المالية الصينية.

ويتدرب المشاركون في وقت لاحق على كيفية استخدام، رباط الشاش في تضميد الجروح بشكل صحيح لمنع النزيف، وحمل الأشخاص المصابين بشكل سليم.

وتعلق سو قائلة إنها بعد هذه التدريبات أخذت مشاعر الاطمئنان تتسرب إلى قلبها.

وتضيف "أعتقد بعد المعرفة بهذه المعلومات، أصبح من السهل علي أن أدرك أنه ليس من السهل على الصين أن تأتي إلى تايوان وتحاول الهجوم علينا".

(د ب أ) ض ح / ب ت 30 /6/2024

© Deutsche Presse-Agentur GmbH